الدراجة : تاريخها ، تطورها مع الزمن و استعمالاتها

الدراجة : تاريخها ، تطورها مع الزمن و استعمالاتها

تُعد الدراجة الهوائية واحدة من أكثر وسائل التنقل شيوعًا وشعبية في العالم. وقد شهدت هذه الوسيلة الرائعة للتنقل تطورًا مثيرًا على مر العصور، حيث تم تحسين تصميمها وأدائها واستعمالاتها على مدى العقود السابقة. في هذا المقال، سنلقي نظرة على تاريخ الدراجة الهوائية، واستعمالاتها المتعددة، وكيف تطورت وتطوّرت لتصبح الوسيلة الحديثة المحبوبة للكثيرين.

وصف الدراجة الهوائية

الدراجة الهوائية هي مركبة بسيطة تعتمد على الحركة البشرية وتتكون بشكل أساسي من عجلتين موضوعتين في إطار ومقود للتوجيه ومقعد ودواستين، وتعد الدراجة الهوائية إحدى وسائل النقل الموفرة للوقت حيث تعدّ أسرع من المشي، كما تعد وسيلة نقل موفرة للوقود وتساهم بتخفيف التلوث في الهواء ويمكن اعتبارها من أهم الرياضات صحة ووسيلة للتسلية للأطفال وللكبار.

: تاريخ الدراجة الهوائية

يمتد تاريخ الدراجات الهوائية لأكثر من 200 عام حيث اشترك في صنعها العديد من المؤسسات العلمية واتخذ تطورها العديد من المراحل.

قد تعتقدُ بأنَّ اختراعًا بسيطًا كالدراجة سيكون له تاريخًا غير معقّدٍ، ولكن – كما اتضح لاحقًا-، كان لهذا الاختراع الأكثر شعبيّةً، ماضٍ مُفعمٌ بالجدل والمعلوماتِ المُضللة، وفي الوقت الذي تتعارض فيه القصص حول من قام باختراعها، هنالك شيءٌ مؤكّدٌ واحد، وهو أنَّ الدراجات البدائيّة لم تكن شئيًا، كتلك التي نراها تجوبُ الشوارع في يومنا هذا

هناك تناقضات وجدل حول هوية المخترع الحقيقي للدراجة، وهذا يرجع جزئيًا إلى أن التاريخ البعيد قد يكون غامضًا وتفاصيله غير واضحة بشكل كافٍ. دعنا نلقي نظرة على بعض الشخصيات التي يُنسب إليها اختراع الدراجة:

ليوناردو دافينشي: (Leonardo da Vinci)

 يُشاع أنه أحد أوائل من رسم تصميمًا لجهاز يشبه الدراجة في القرن الخامس عشر. وعلى الرغم من أنه كان لديه رسم لجهاز بثلاث عجلات يشبه الدراجة، إلا أنه لم يتم تحويل هذا التصميم إلى عمل عملي أو يُعتبر اختراعًا فعليًا للدراجة.

سيفراك (Comte Mede de Sivrac):

 يعتقد أنه قدم تصميمًا لجهاز يُعتبر سابق للدراجة في أواخر القرن الثامن عشر. كان التصميم يشبه الدراجة الحالية إلى حد كبير، حيث كانت تملك عجلتين ولا يوجد دواسات، وبدلاً من ذلك كان يحتاج الراكب لدفع الأرض بقدميه للتحرك.

كارل درايس (Karl Drais):

 يُعتبر الألماني كارل درايس هو مخترع “الدراجة البشرية” الأولى عام 1817. ابتكر جهازًا يحتوي على عجلتين ويُدفع بالقدمين عن طريق الدواسات. وكان يعرف هذا الجهاز بـ “درايسين” (Draisine) في ذلك الوقت ولم تكن لديه عجلات مطاطية كما هو الحال في الدراجات الحديثة.

معظم المعلومات المتوفرة تشير إلى أن كارل درايس كان أول من قدم نموذجاً عملياً للدراجة البشرية، وعليه يُنسب له عادة اختراع الدراجة. ومع ذلك، يُفضل الاحتفاظ بفكرة أنه قد تم استكشاف التصميمات المشابهة في أوقات مختلفة من التاريخ، ولكن قد لا يكون هناك دليل قاطع يؤكد من هو المخترع الأول بالضبط

يقول المثل الشعبي القديم: الحاجة أم الاختراع. بالنسبة لاختراع الدراجة تنطبق هذه المقولة بشكل كامل. على خلفية تراجع المحاصيل، وما نجم في عامي 1816 و1817 عن ذلك من ارتفاع لأسعار الشوفان، علف الأحصنة الرئيسي، عمد كارل درايس إلى تطوير ما يعرف باسم آلة المشي، وهي النموذج الأولي لدراجة اليوم. وكانت تتألف من عجلتين تقف إحداهما خلف الأخرى، ومن سرج للجلوس ومقود. مجمل الآلة كان من الخشب وكان وزنها يصل إلى 22 كغ، وهو ما يعادل وزن دراجة السباق اليوم. كانت العجلة الخلفية مثبتة مع الإطار بينما ارتبطت العجلة الأمامية بالمقود. وكانت عملية الدفع تتم بواسطة الدفع بالأرجل على الأرض. خلال الرحلة الأولى في 12 حزيران/يونيو 1817 من بيته في مدينة مانهايم حتى شارع ريلايهاوس في بلدة شفيتسينغن المجاورة، تمكن درايس من تحقيق سرعة وسطية وصلت إلى 15 كم/ساعة.

كارل درايس المولود عام 1785، وتحت إصرار أبيه الذي كان قاضيا في المحكمة العليا، تعلم بداية مهنة رعاية الغابات، ثم درس الفيزياء وفن العمارة والزراعة. بعد ذلك عمل خفيرا للغابات، إلا أنه تسرح من العمل في 1811 ليتفرغ للعمل الذي أحبه وهو الرغبة في الاختراع. في 1818 منحه الدوق الأكبر كارل لقب بروفيسور في الميكانيكا. وقد استمر في الحصول على راتبه الشهري على اعتباره تعويضا تقاعديا للمخترعين. ومن بين اختراعات درايس أيضا مسجل (ذاكرة) بيانو يقوم بتدوين الضربات على مفاتيح البيانو على الورق من أجل حفظها، وآلة كاتبة بالمفاتيح تضم 25 حرفا، وموقد خشب اقتصادي، وآلة لطبخ اللحم. إلا أن اختراعه الأكثر استدامة كان آلة المشي

حظر السير عرقل التطوير
قام درايس بتنظيم رحلات للعامة، وكتب مقالة لإحدى الصحف من أجل التعريف باختراعه الجديد. وسرعان ما توسعت الفكرة وانتشرت نسخ من “آلة المشي” في العديد من المناطق. إلا أن حظر استعمال آلة المشي هذه أعاق التطوير. فقد استخدمت الدراجات أرصفة المشاة، بدلا من الطرقات الوعرة والغارقة غالبا في الوحل، واصطدمت بالتالي بالمشاة وتسببت في الحوادث. أول حظر لسير الدراجات على رصيف المشاة صدر في أواخر عام 1817 في مدينة مانهايم، تبعه في 1818 الحظر في باريس وفي 1819 في لندن. ومع اختراع آلية الحركة باستخدام الدواسات في 1861 – بعد وفاة درايس بعشر سنوات – تحولت الدراجة إلى وسيلة نقل واسعة الانتشار لعامة الناس. واليوم يمتلك الناس في ألمانيا وحدها حوالي 72 مليون دراجة

   “Laufmaschine” أما سبب بناء درايس ماكينته التي أطلق عليها اسم ،

فكان استجابة لمشكلة خطيرة للغاية كانت تهدد العالم في ذلك الوقت، وهي ندرة الخيول الحقيقية، فكيف ذلك؟

انفجار بركان جبل تامبورا الإندونيسي وعلاقته باختراع الدراجات

في عام 1815، أدى انفجار بركان جبل تامبورا الإندونيسي الذي كان واحداً من أقوى الثورات البركانية في التاريخ المسجل، إلى تغيير كبير في المناخ العالمي، كما أدت سحابة الرماد المنتشرة حول العالم إلى خفض درجات الحرارة العالمية

ووفقاًلما ذكرته مجلة

الأمريكية، فقد تسبب البركان بفشل المحاصيل الزراعية، وموت الكثير من الحيوانات وأبرزها Smithsonian

الخيول التي ماتت جوعاً، وهو السبب الذي دفع العالم الألماني درايس لاختراع الدراجات الهوائية ليتم استخدامها بالتنقل بدلاً من الخيول

ومع ذلك كانت الدراجات التي اخترعها درايس بعيدة كل البعد عن آلات السرعة الديناميكية الهوائية التي أصبحت عليها دراجات اليوم

كانت دراجة درايس تزن نحو 23 كيلوغراماً، لها عجلتان مصنوعتان من الخشب ومتصلتان بإطار خشبي، وضع عليها سرج جلدي للجلوس عليه فيما لم يكن للدراجة تروس ولا دواسات، حيث كان الراكبون يدفعون الجهاز للأمام بأقدامهم..

بعد ذلك أخذ درايس اختراعه إلى فرنسا وإنجلترا، حيث أصبحت شائعة هناك، لاسيما بعد أن قام صانع دراجات بريطاني يُدعى دينيس جونسون بتسويق نسخته الخاصة للأرستقراطيين في لندن الباحثين عن المتعة، لكن فيما بعد تم حظرها لأنها كانت تسبب خطراً على المشاة.

 تطور الدراجة الهوائية عبر الزمن

شهدت الدراجة تطورات هائلة تجعلها واحدة من أكثر وسائل النقل الشخصية شيوعًا وشعبية في جميع أنحاء العالم. دعونا نستكشف تطور الدراجة الهوائية عبر الزمن.

الدراجة الخشبية بدأت الدراجة الهوائية كجهاز يعتمد على العجلتين، حيث تم استخدام الخشب لصناعة الإطار والعجلات. في العصور الوسطى، تم تطوير النماذج الأولى من الدراجات الخشبية المسماة بـ “دراجات السيدات” و”الدراجات الرجال”، وكانت تحتاج إلى قوة بدنية لتحريكها بدلاً من التوجيه

الدراجة ذات الدواسة

في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، شهدت الدراجة تحسينات هامة مع إضافة آلية الدواسة. تم تطوير النماذج الأولى للدراجات التي تمكن الراكب من استخدام الدواسة لنقل الحركة وتحريك الدراجة بكفاءة أكبر. في هذه المرحلة، ظهرت الدراجة بشكل يشبه إلى حد كبير الشكل الذي نعرفه اليوم

الدراجات ذات الإطار الحديدي:

في أوائل القرن العشرين، شهدت الدراجة الهوائية تطورات أخرى بفضل استخدام الإطارات المصنوعة من الحديد. هذا النمط الجديد من الإطارات جعل الدراجة أكثر قوة ومتانة، مما زاد من متعة وفعالية استخدامها. كما شهدت العجلات تحسينات أخرى في هذا الوقت من خلال استخدام الإطارات المطاطية المملوءة بالهواء، مما جعل ركوب الدراجة أكثر راحة وسهولة

الدراجات الهوائية المتقدمة:

مع تقدم التكنولوجيا في القرن العشرين، شهدت الدراجات الهوائية تطورات جديدة وابتكارات متعددة. تم استخدام المواد الخفيفة والقوية مثل الألمنيوم والكربون لصناعة إطارات الدراجات، مما جعلها أكثر خفة وقوة. كما تم تحسين أنظمة التروس والفرامل وأضواء الدراجة لتلبية احتياجات ومتطلبات الراكبين الحديثين

الدراجات الهوائية الذكية:

في العقد الأخير، شهدت الدراجات الهوائية انتشار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والاتصالات، حيث تم تطوير الدراجات الذكية التي تأتي مزودة بمستشعرات وتطبيقات تساعد الراكبين على تتبع مساراتهم وقياس أدائهم وحتى مشاركة تجاربهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي

استعمالات الدراجة الهوائية: فوائد للصحة والبيئة والاقتصاد

تعتبر الدراجة الهوائية واحدة من أكثر وسائل النقل المستدامة والشائعة استخدامًا في جميع أنحاء العالم. إنها وسيلة ممتازة للتنقل اليومي والرحلات الترفيهية، وتتمتع بالعديد من الفوائد للصحة والبيئة والاقتصاد على حد سواء. في هذا المقال، سنتعرف على بعض استعمالات الدراجة الهوائية وأهم فوائدها.

التنقل اليومي

تُستخدم الدراجات الهوائية بشكل شائع في التنقل اليومي للعمل أو المدرسة أو التجول في المدينة. إنها وسيلة رائعة لتجنب زحام المرور والبحث عن موقف للسيارة. كما أن ركوب الدراجة يمكن أن يكون تمرينًا رائعًا في الصباح والمساء، مما يمنحك طاقة إيجابية ويحسن من مزاجك وتركيزك في الأنشطة اليوميةتحسين اللياقة البدنية والصحة: ركوب الدراجة الهوائية يُعتبر تمرينًا رائعًا للجسم بشكل عام. يساعد في تقوية عضلات الساقين والأرداف والبطن والظهر، كما يحسن من القدرة التنفسية والقلبية والدورة الدموية. كما أنه تمرين ذو تأثير منخفض على المفاصل، مما يجعله مناسبًا للأشخاص الذين يعانون من آلام مفصلية أو لا يستطيعون ممارسة التمارين الرياضية عالية الشدة

الحد من التلوث والاحتباس الحراري

تُعتبر الدراجة الهوائية وسيلة نقل صديقة للبيئة حيث لا تُصدر انبعاثات ضارة وتحد من التلوث البيئي والاحتباس الحراري. بالاعتماد على الدراجة الهوائية بدلاً من وسائل النقل الأخرى التي تعمل بالوقود، يمكن أن يساهم الأفراد في تحسين جودة الهواء في مناطق السكن وتقليل الآثار السلبية على البيئة

الترويح والاسترخاء

يمكن أن تُعتبر رحلة بالدراجة الهوائية تجربة ترويحية وممتعة. إن استكشاف الطرق الريفية أو المسارات الخاصة بالدراجات في الغابات أو حول البحيرات يمنح الأشخاص فرصة للاستمتاع بالطبيعة والتخلص من ضغوط الحياة اليومية.

التنقل الحضري السريع

في المدن التي تفتقر إلى نظام مواصلات فعّال، يمكن أن تكون الدراجة الهوائية وسيلة سريعة وفعّالة للتنقل في الازدحام الحضري. إنها تسمح بالتنقل بسهولة في الشوارع والأزقة، وتتيح للأفراد الوصول إلى أماكن لا يمكن الوصول إليها بالسيارات.

. توفير التكاليف

بالمقارنة مع استخدام السيارات أو وسائل النقل العام، يمكن أن تكون الدراجة الهوائية خيارًا اقتصاديًا. لا تحتاج إلى وقود وصيانة باهظة، وتستهلك فقط القليل من الطاقة البشرية لتشغيلها، وبالتالي تساعد في توفير الأموال على المدى الطويل.

في الختام، شهدت الدراجة الهوائية تطورًا هائلًا عبر الزمن، بدءًا من النماذج البدائية الأولى إلى الدراجات المتطورة والذكية التي نراها اليوم. وبفضل تطور التكنولوجيا والابتكار المستمر، يبقى مستقبل الدراجة الهوائية مشرقًا بالتأكيد، مما يجعلها خيارًا مستدامًا وفعالًا للتنقل والترفيه في المستقبل.

المصادر

https://www.ibelieveinsci.com/

%D8%BBdS8OWVwDG1o_lEEOsTsdijnP_YydBL3I

https://almania.diplo.de/ardz-ar/

https://www.elbalad.news/4877146?fbclid=IwAR2f1-

cHjw4ztdGh8p6yhttps://www.elbalad.news/

https://arabicpost.net//

Chaouki Senani

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *